زاد قدوم المدرب البرتغالي جوزي مورينيو إلى نادي ريال مدريد الإسباني الشعور باقتراب البطولة العاشرة من البيت الملكي، فالنادي والمدينة وأنصار " البلانكوس" في شتى أنحاء العالم لا يتحدثون إلا عن النجمة العاشرة التي ستدخل تاريخ النادي الأكثر نجاحاً في أوروبا، ويتساءلون عن موعد قدومها وظروف التتويج بها.
حاضر النادي وماضيه وأنصاره ولاعبوه وإداريّيه لا يتوقفون عن الحلم بالعاشرة منذ آخر تتويج للملوك بدوري أبطال أوروبا عام 2002 على حساب باير ليفركوزن الألماني 2-1 في "هامدن بارك" في غلاسكو، فالكل يحلم بها ويريد المشاركة في إدخالها خزائن النادي لتنضم إلى أخواتها التسع اللاتي يزيّنّ متحف الفريق في سانتياغو برنابيو.
منذ 2002 يعمل ريال مدريد من أجل الفوز بالكأس العاشرة، وسخّر النادي جميع الإمكانات المتاحة أمامه من أجل الفوز بها، لكنه اصطدم في كل مرة بالخروج خالي الوفاض من المسابقة المحبذة لدى عشاق البيت الملكي، فالفريق بات لا يتجاوز دور الـ 16 وأصبحت فرق جديدة على المسابقة مثل ليون الفرنسي عقبة أمام سيد البطولة، لكن الملوك لم يصبهم اليأس في الفوز بالعاشرة وأنفقوا أموالاً طائلة وقاموا بجلب لاعبين يتمتعون بشهرة كبيرة وأسماء رنانة في عالم الساحرة المستديرة، لكنها عاندتهم وأبت أن تعود إلى العاصمة مدريد رغم سحر المدينة وجمالها وحسن ضيافتها لأمجد الكؤوس الأوروبية التي اختارت مدريد لتكون أكثر المدن التي تستقر فيها داخل بيتها الأبيض.
أموال كثيرة أُنفقت من أجل عيون العاشرة
يعرف كل عشاق كرة القدم أن نادي ريال مدريد هو سيد الصفقات والرقم الصعب في سوق الانتقالات، كما يتمتع النادي بتاريخ كبير يغري كل النجوم بأن يكونوا جزءاً من هذا التاريخ لذلك ليس غريباً أن يكون النادي الملكي أكثر النوادي إنفاقاً في تاريخ كرة القدم والأكثر انتداباً للاعبين، فمنذ آخر تتويج بدوري أبطال أوروبا عام 2002 قام ريال مدريد بـ 58 انتداباً من مختلف الدوريات، فأي لاعب يراه الفنيون في ريال مدريد قادراً على قيادة الفريق إلى التربع على عرش القارة العجوز من جديد، لا تتردد إدارة النادي في جلبه إلى حظيرة الملوك، وقد أنفق النادي الملكي 949.3 مليون يورو على مر الـ 11 سنة الماضية!!، وكان موسم 2009-2010 الأعلى إنفاقاً في تاريخ النادي بـ 259 مليون يورو إذ تعاقد الفريق مع أفضل لاعب في العالم عام 2008 البرتغالي كريستيانو رونالدو بصفقة وصلت إلى 94 مليون يورو ليكون اللاعب الأغلى في تاريخ كرة القدم، إضافة إلى البرازيلي ريكاردو كاكا أفضل لاعب في العالم عام 2007 ، والجميع يعلم قيمة النجوم الذين أسسوا تشكيلة "البلانكوس" قبل ذلك، لكن الفريق لم يتجاوز الدور ثمن النهائي حين خسر ذهاباً في فرنسا 1-0 ثم تعادل إياباً 1-1، لتتواصل خيبة الأمل المدريدية في الرجوع إلى زعامة القارة العجوز.
7 مدربين فهل ينجح "السبيشال وان"؟
كان فيسنتي دل بوسكي المدرب الحالي لمنتخب إسبانيا آخر مدرب توّج مع ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا، وبقي الفريق بعد دل بوسكي يبحث عن المدرب الذي قد يقوده إلى اللقب من جديد لكن الأميرة الأوروبية بقيت تعاند الفريق الملكي طول السنوات الماضية رغم الأسماء الكبيرة التي قادت الدفة الفنية للملوك من خارج أوروبا وداخلها، فريال مدريد استعان بمدربين من خارج القارة العجوز كالتشيلياني مانويل بيليغريني عام 2009 وفاندرلي لوكسموبورغو من 2004 إلى 2006 إضافة إلى أسماء أوروبية ذات تاريخ كبير في كرة القدم أمثال الإيطالي فابيو كابيلو، والعقبة الوحيدة التي كانت تحول دون استمرار هاته الأسماء هي إخفاقها في دوري أبطال أوروبا، فكابيلو فاز مع الفريق بلقب الدوري الإسباني بعد 3 سنوات من الغياب، لكن إخفاقه في قيادة الفريق إلى البطولة العاشرة في أمجد الكؤوس الأوروبية عجّل برحيله عن المعسكر المدريدي فتم التعاقد مع الألماني بيرند شوستر الذي حافظ على زعامة الليغا للموسم الثاني على التوالي لكنه لم ينجح بدوره في كتابة صفحة جديدة على الصعيد القاري وكان مصيره الإقالة لأن "مهر" البقاء داخل البيت الأبيض هو إضافة النجمة العاشرة.
وعلى غير عادته لم يتبع رئيس ريال مدريد فلورنتينو بيريز سياسة الإقالة الفورية بعد الإخفاق في الأبطال مع البرتغالي جوزيه مورينيو، وتمسك بخدماته للعام الثالث على التوالي وهو أمر جديد على إدارة النادي الملكي في السنوات الأخيرة، فالمعادلة سهلة "من يخفق في الفوز بالعاشرة لا يستمر مع مدريد"، لكن "السبيشال وان" - عكس غيره من المدربين - أعاد الأمل إلى صفوف عشاق ومحبي "البلانكوس" وعاد بالفريق إلى الواجهة الأوروبية وباتت الصحافة تتحدث عن ريال مدريد أحد أبرز المرشحين لنيل اللقب الأوروبي، وأنهى مورينيو كابوس الخروج من دور الـ 16 ووضع حداً لعقدة نادي ليون الفرنسي (1-1 في فرنسا و3-0 في إسبانيا)، كما أعاد مورينيو النادي الملكي إلى نصف نهائي البطولة في أول موسمين له مع الفريق الذي غاب عن هذا الدور منذ موسم 2002-2003 حين خرج أمام يوفنتوس الإيطالي.
معطيات أعطت الأمل لأصحاب القرار في ريال مدريد بأن الفني البرتغالي بإمكانه إعادة أمجاد الفريق، خاصة مع تجدد الثقة في مورينيو للموسم الثالث على التوالي إيماناً منهم بقدرته على الفوز بالعاشرة.
موسم مخيب محلياً وأمل كبير أوروبياً
حين توج ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا عام 2002 بقيادة الأسطورة الفرنسي زين الدين زيدان كانت وضعية الفريق على المستوى المحلي مشابهة إلى حد بعيد ما يعيشه "الميرنغي" هذا الموسم ففي عام التتويج بالبطولة التاسعة أكمل ريال مدريد موسمه في الدوري الإسباني خلف فالنسيا البطل وديبورتيفو لا كورونا الوصيف، وعانى الفريق من ضغوطات كبيرة نظراً للموسم السيئ الذي قدمه في "الليغا" وكانت الصحافة الإسبانية والعالمية لا تتوقف عن انتقاد دل بوسكي ونجومه والرئيس فلورنتينو بيريز الذي أنفق الأموال من أجل جعل الفريق أكثر قوة على الصعيدين المحلي والأوروبي، لكن النتائج لم تكن كما يتمنى عشاق النادي مما خلق جواً من التوتر داخل أسوار "البيت الأبيض".
صورة تذكرنا بما يعيشه ريال هذا الموسم، انتقادات كبيرة وشكوك بشأن مستقبل مورينيو وكذلك نجم الفريق كريستيانو رونالدو ومشكلات المدرب البرتغالي مع أعمدة الفريق سيرجيو راموس والحارس إيكر كاسياس، إعصار من المشكلات أدت إلى تأخر الفريق بفارق 13 نقطة عن غريمه برشلونة المتصدر ويتنافس بقوة مع جاره أتلتيكو مدريد من أجل الوصافة، لكنه مختلف تماماً على الصعيد القاري فالفريق يسير بثبات نحو نصف النهائي الثالث على التوالي في الموسم الثالث لمورينيو وتجاوز فرقاً كبيرة وقدم مباريات رائعة أهلته ليكون أحد أبرز المرشحين للفوز بنهائي ويمبلي في أيار/ مايو القادم، وعلى الفريق أن يكثف جهوده لتجاوز الفرق الكبيرة المرشحة للفوز بالبطولة حتى يقنع الأميرة الأوروبية الجميلة بالعودة إلى أحضانه بعد سنوات من التمنع.
ويقول في ذلك ألفريدو دي ستيفانو الرئيس الفخري للنادي وأسطورته في الستينات: "لدي طبع خاص يجبرني على طلب المزيد من الزملاء و اللاعبين، هكذا كنت وهذا ما منحني القوة لحصد الألقاب، لقد كنت محظوظاً باللعب في فريق كبير، نحن جميعاً ساهمنا في الفوز بالمباريات والألقاب، سواءً اللاعبين أو المشجعين وهذا ما يميّز ريال مدريد، لنرى إن كنّا سنفوز هذا العام باللقب العاشر في دوري أبطال أوروبا".
11 سنة من الانتظار والإنفاق والتعيينات والإقالات والانتدابات دون أن يفوز النادي الملكي بسيدة البطولات، لكن هذا الموسم يبدو ريال أقرب من أي وقت مضى من البطولة العاشرة التي ينتظرها النادي والمدينة والأنصار من أجل الاحتفال بها في ساحة "سيبيليس" الشهيرة وسط العاصمة مدريد.